شتَّى كثيرة، وكان ثقةً دَيِّنًا صدوقًا، وكان أحفظَ مَن تقدَّم من الكوفيين.
قال أبو بكر بن عبد الملك: وكان أبو بكر بن الأنباريّ شحيحًا، وكذلك أبو عبد الله نِفْطَويه؛ إلَّا أنه كان يُباشر الناسَ ويحضُر مجالسهم، وكان ابنُ الأنباريِّ لا يفعل ذلك، ويأكلُ في كلِّ يومٍ طَبَاهِجَةً تُصْلَحُ له بلحم أحمر ومُرِّيٍّ، وما أكل له أحدٌ شيئًا قطُّ، وكان في يَسارٍ وحال واسعةٍ، وكان لِنفطويه جَوارٍ منهنَّ قارئةُ الألحانِ، وكانت له بنتٌ، ولم يكن على ابنِ الأنباريِّ عِيال.
ووقف على ابن الأنباري يومًا في المسجد الجامع بالمدينة مدينة المنصور أبو يوسف الأقساميُّ فقال له: يا أبا بكر، قد أجمع سبعةُ فراسخَ ناس على شيء -يعني أهل بغداد-، فأَعطِني درهمًا حتى أخرِقَ الإجماعَ. فقال: وما هذا الإجماعُ يا أبا يوسف؟ قال: أجمع أهلُ هذا البلد عن آخرهم على أنك بخيل. فضحِك ولم يُعطِه شيئًا.
وتوفي في سنة سبع وعشرين وثلاثمئة. وفي بعض النسخ: توفي ببغداد سنة ثمان وعشرين وثلاثمئة يوم الأضحى.
[٨٠ - نفطويه]
هو أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عَرفة بن سليمان بن المغيرة بن حبيب بن المهلّب بن أبي صُفرة العَتَكِيّ الأزديّ المعروف بنفطويه.
وكان أديبًا مُتفنِّنًا في الأدب، حافظًا لنقائض جرير والفرزدق وشعر ذي الرُّمَّة وغيرهم من الشعراء. وكان يَرْوي الحديثَ، وكان ضعيفًا في النحو، وكان يخضِب رأسه ولحيته إلى أن مات.
وتوفي ببغداد سنة ثلاث وعشرين وثلاثمئة يوم الأربعاء لخمس خلون من صفر.