هو محمد بن عبد السلام، من أهل كورة جَيَّان، وانتقل إلى قرطبة فسكنها، إلى أن توفي بها. وكان فصيح اللسان، بصيرًا بكلام العرب، ورحل إلى المشرق فلقي المازني وأبا حاتم والرياشي، وكتب عن رجال الحديث: أبي موسى الزمن، وبندار، وعبيدة، ويوسف بن عدي، وغيرهم من العراقيين، وله تأليف في شرح الحديث، فيه من الغريب علم كثير، وكان خَيِّرًا دَيِّنًا، وكان يُزنُّ بتعصُّبه للعرب.
وأنشد بعضهم للخشني:
كأنْ لم يكن بَيْنٌ ولم تك فُرقةٌ ... إذا كان مِن بعد الفِراقِ تَلَاقِ
كأنْ لم تُؤَرّقْ بالعراقينِ مُقلتي ... ولم تَمْرِ كفُّ الشوقِ ماءَ مآقي
ولم أزر الأعراب في خبت أرضهم ... بجنب اللوى من رامة وبراق
ولم أَصطَبِحْ في البيدِ من قهوةِ النَّوى ... بكأسٍ سقانيها الحِمامُ دِهَاقِ
تزوَّدْ أخي من قبل أن تسكُنَ الثَّرى ... وتلتفّ ساقٌ للنُّشور بساقِ
[٢١٨ - عباس بن فرناس]
هو عباس بن فرناس بن ورداس، كان متصرفًا في ضروب من الآداب، وكان من أهل الذكاء والتقحُّم على المعاني الدقيقة، والصناعة اللطيفة، وكان الشعر أغلبَ أدواته عليه.
وأخبرني محمد بن عمر بن عبد العزيز قال: أخبرني ابن لبابة قال: جلب بعض التجار كتاب المثال من العروض، فصار إلى الأمير