هو عياض بن عَوانة بن الحكم بن عوانة الكلبي النحوي؛ وكان جد الحكم بن عوانة، عالمًا بأيام العرب وأنسابها، وكان له قدر وحال، ووَلِي ولاياتٍ كثيرةً، وكان أبوه عوانة عالمًا أديبًا، وكان من أهل الكوفة، وكان إذا أراد أن يسأل الرجل: أعربي هو أم مولى؟ قال له: أصليبة أنت أم من أنفسهم؟ فإن كان عربيًّا قال:"صليبة"، وإن كان مولًى قال: من أنفسهم.
وعنه أخذ المهري كثيرًا من النحو والشعر، وكانت المهالبة تكرمه.
وروت الرواة عن عياض أنه قال: أقمتُ زمنًا لا عهد لي بصلة رَوْح بن حاتم، حتى أَرملتُ وأملقتُ، فركبتُ يومًا بغلةً، وخرجتُ حتى رقيتُ على الكدية السوداء المطلَّة على القنطرة، وكانتِ العربُ تضع أثقالها في دخولها إفريقية بالقيروان، فسُمِّيت القيروان؛ لأنها الأثقال في كلام العرب، فإني لعلى الكدية إذ أتاني رسولٌ يشتدُّ إليَّ، فقال: أجب يابن عوانة. فمضيتُ وما أحسبُ أن بعثه إليَّ ابتداءً من غير أن أكون توسلتُ للوصول إليه، إلا لأمرٍ نُمِي عني إليه من القول.
فلما أتيتُ نزلتُ على بابه، فاستؤذن لي فصعدتُ، فإنه لفي العلو المطل مع جاريته طلة الهندية، فسلمتُ فأحسن الرد، فكأن روعي سكن، ثم قال: ما حالُك؟ فقلتُ: مُقِلّ مُعدِم، أبو عيالٍ ولا مال. قال: