العهد -رضي الله عنه-، فأخذتْ جدِّي رِقَّةٌ، فبكى حتى أخضل لحيته ثم قال: قد أمَّنه اللهُ، قد أمَّنه اللهُ؛ فدخل عليه وأنشده:
فالآنَ صِرتُ إلى أُمَيَّـ ... ـةَ، والأمورُ إلى المصايِرْ
فحباه وكساه ووصله.
وذكر محمد بن عمر بن لبابة أن رجلًا حَاكَرَ بعضَ المؤدبين في الحَذْقَةِ، فمنعها المؤدبَ، فناظره في ذلك وتعصَّب له المؤدِّبون بقرطبة، وأشفقوا أن ينفتح عليهم في ذلك بابُ منعٍ، فأتوا غازيَ بنَ قيسٍ فقالوا: يا سيِّدَنا -تعريضًا له بالتأديب- عَرَضَ غَرَضٌ لنا كَيْتَ وكَيْتَ، فقال: يغرمها صاغرًا قميئًا. وقضى لهم بذلك؛ إذ هو مما جرى عليه أمرُ الناس.
وتوفي الغازي بن قيس سنة تسع وتسعين ومئة.
[١٩٤ - جودي النحوي]
هو جودي بن عثمان، مولًى لآل طلحةَ العَنْبَسِيِّين من أهل مَوْرُور، ورحل إلى المشرق فلقي الكسائي والفراء وغيرهما، وهو أول من أدخل كتاب الكسائي، وله تأليف في النحو، وسكن قرطبة بعد قدومه من المشرق، وفي حلقته أُنكِر على عباس بن ناصح قولُه:
يشهدُ بالإخلاص نُوتيُّها ... للهِ فيها وهو نصراني
فلُحِّن حين لم يُشدِّد ياءَ النسب، وكان بالحضرة رجل من أصحاب عباس بن ناصح، فساءه ذلك، فقصد إلى عباس -وكان مسكنه الجزيرة-