يبخل بعلمه. أخبرني إبراهيم بن زياد النحوي قال: أخبرني أبو عثمان سعيد بن إسحاق الشَّمْخيّ قال: سألت خلف بن مختار أن أقرأ عليه قصيدة النابغة: "يا دار مية بالعلياء فالسَّنَدِ". فقال: افعلْ. فأنشدتُه حتى انتهيتُ إلى قوله:
فظل يَعْجُم أعلى الروْق مُنقبضًا ... في حالك اللون صَدْقٍ غيرِ ذي أَوَدِ
فقال لي ليختبرني -وقد علمتُ ما أراد-: ما الصَّدْق؟ قلت: لا أعلم. قال: فما الصِّدق، بالكسر؟ قلتُ: الصِّدق من القول. قال لي: فيجب عليك أن تروي ما تعرف، وتدع ما لا تعرف. فأنشدتها بالكسر لأعلم ما يكون منه، فرأيته يبتسم، وكان إنشاديها ليلًا في المسجد الجامع، وكنتُ أحفظها، فقلتُ له: لم تبسَّمت؟ الصَّدْق: الصُّلْب، وكذلك الرواية؛ ولكن تجاهلتُ لك لأعلم ما يكون منك. فخجل من ذلك وقال: أنشِد ما أحببتَ؛ فإني لا أُخفي عنك شيئًا. فكان بعد تلك الليلة كما وعد.
وكان ممَّن يقرِض الشعر، ويجيد المعاني. وكان مولده سنة خمس عشرة ومئتين، وتوفى سنة تسعين ومئتين.
١٧٦ - الطَّرْزِيُّ
هو موسى بن عبد الله، كان يؤدب أولاد السلاطين، وكان شاعرًا مُجيدًا عفيفًا صالحًا، وهو من تلاميذ حسان الجاحظ.