هو أبو عبيدة مَعْمر بن المثنَّى التَّيْمِيُّ، تَيْم قُرَيش مولًى لهم. وكان من أجمع الناس للعلم، وأعلمهم بأيام العرب وأخبارها. وأكثر الناس رواية، وكان يقال: إنه خَارِجِيٌّ.
وقال عمرو بن بَحْر الجاحظ: لم يكن في الأرض خارجيّ ولا جَمَاعِيّ أبصرَ بجميع العلوم منه.
وقال ابن قتيبة: كان مع عِلْمه ربَّما لم يُقِم البيت إذا أنشده. وقال أبو حاتم: كان ينشد البيت مختلف العروض؛ ومما أنشد:
فوالله ما أنساكِ ما هبَّتِ الصَّبَا ... ولَأَبْكِيَنْ في مشهدِي ومسيري
وهذا من العَجَب. ويخطئ إذا قرأ القرآن نظرًا، وكان يُبْغِض العرب، وألف كتابًا في مثالبها.
وقال مروان بن عبد الملك: قلتُ لأبي حاتم: يقال: إنَّ أبا عبيدة كان يقول بالقَدَر. فقال: لا. وأنكر ذلك. قال: وكان يُثبِتُ القدرَ.
وقال أبو حاتم: ما زال أبو عبيدة يُصنِّف حتى مات، وبلغ ثلاثًا وتسعين سنة، ومات سنة تسع ومئتين.
قال: وسئل أبو حاتم: أَخَرَجَ أبو عبيدة إلى بغداد؟ فقال: نعم. قيل: لأي شيء خرج؟ قال: يطلب. قال: دخل على جعفر بن يحيى، فقال: مثلك لا يدخل على الخلفاء. قال: قلتُ: لم؟ قال: لأنه فيه توضيع ولثغ، ولا يدخل مثله عليهم. قال: فقال أبو عبيدة لجعفر: فأَرجِعُ خائبًا؟ قال: لا، ولكن نُعطِيك.
قال: وكان أبو عبيدة قد خرج إلى فارس، إلى الهلالي موسى بن عبد الرحمن فأعطاه.