للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو حاتم: حدثني ابن قاضي شيراز قال: قال الهلالي لغلمانه ولمن يخدمه: احذروا أبا عبيدة؛ فإن كلامه دِبْق. فلما جاءه ودخل وسَّعوا له، قال: فأُتِيَ بالطعام، فجاء غلام بالغضَارة، ولا علم له بأبي عبيدة، فانصبَّت الغضارة على طرف ثوب أبي عبيدة. قال: ففطن الهلالي لذلك فقال لأبي عبيدة: إنه قد أصاب ثوبَك المرق، ولكن سوف أكسوك عشرةَ أثوابٍ. فقال له: لا بأبي، لا تضرّ مرقتُكم، ليس لها وَدَك. قال: فهم يُسَبُّون بذلك إلى اليوم.

قال مروان بن عبد الملك: سألت أبا حاتم عن "غريب القرآن" لأبي عبيدة الذي يقال له "المجاز"، فقال لي: إنه لَكِتابٌ ما يحلُّ لأحدٍ أن يكتبه، وما كان شيء أشدَّ عليَّ مِن أن أقرأه قبل اليوم، ولقد كان أن أُضرَب بالسياط أهونَ عليَّ مِن أن أقرأه، ما يجوز لأحد أخذُه. فألححتُ عليه فيه، فقال لي: نعم. ثم كلمته بعد ذلك، فتأبَّى عليَّ فيه، وقال: إنه أخطأ، وفسر القرآن على غير ما ينبغي.

قال أبو حاتم: وقال أبو عمر الجرمي: أتيتُ أبا عبيدة بشيء منه، فقلت له: عمَّن أخذتَ هذا يا أبا عبيدة؛ فإن هذا خلاف تفسير الفقهاء؟ فقال لي: هذا تفسير الأعراب البوَّالين على أعقابهم، فإن شئت فخذه، وإن شئت فذره. قال أبو حاتم: وما يحلُّ لأحدٍ أن يقرأه إلا على شرط إذا مرَّ بالخطأ أن يُبيِّنه ويُغيِّره.

قال أبو عبد الملك: ثم قرأه أبو حاتم علينا بعد هذا كله، وسمعناه منه. قال: وسمعت أبا حاتم يقول: قال لي أحمد بن المعذّل -وكان يفهم كتاب أبي عبيدة-: تُنكر منه شيئًا؟ فقلت: نعم. فقال لي: فقِفْنِي عليه. فأوقفتُه عليه. قال أبو حاتم: فقلت له: قِفْنِي أنتَ على شيءٍ منه. فرأيته

<<  <   >  >>