وكان من القرَّاء- فقال له: اقرأ. فبدأ بفاتحة الكتاب ففسرها، ثم مرَّ في الكتاب كلِّه على ذلك؛ يقرأ الرَّجل، ويفسِّر الفرَّاء. وكتابه في القرآن نحوٌ من ألف ورقة.
قال أبو العباس: قال الخليل: كِلَا اسمٌ. وقال الفراء: هي بين الأسماء والأفعال، فلا أحكمُ عليها بالاسم ولا بالفعل، فلا أقول: إنها اسم؛ لأنها حَشْو في الكلام، ولا تنفرِد كما ينفرد الاسم، وأشبهت الفعل لتغيُّرها في المكنِيِّ والظاهر؛ لأني أقول في الظاهر: رأيتُ كلا الزيدين، ومررت بكلا الزيدين، وكلَّمني كلا الزيدين؛ فلا تتغير. وأقولُ في المكنِيِّ: رأيتهما كليهما، ومررت بهما كليهما، وقام إليَّ كلاهما؛ فأشبهتِ الفعلَ؛ لأني أقولُ: قضى زيدٌ ما عليه، فتظهر الألف مع الظاهر، ثم أقول: قضيت الحقَّ، فتصير الألف ياء مع المكنِيِّ.
قال أبو العباس: كُتبُ الفرَّاء لا يوازى بها كتابٌ. وتوفي الفراء في طريق مَكَّة سنة سبع ومئتين.
[٦١ - القاسم بن معن]
حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثنا أبو مُسْلم صالح بن أحمد بن عبد الملك بن صالح الكوفي قال: أَمْلَى عَلَيَّ أبي رحمه الله قال: القاسم بن مَعْن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود قديم الموت، وكان على قضاء الكوفة، وكان لا يُنفِق من رزقه شيئًا، إذا أخذه قسَّمه. وكان عفيفًا صارمًا في قضائه، فقيه البلد، ثقةً جامعًا للعلوم. وكان راويةً للشعر، عالمًا