للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الطبقة الثالثة]

١٥٩ - أبو العباس بن ولَّاد

هو أحمد بن محمد بن الوليد بن محمد التميمي، وكان بصيرًا بالنحو، أستاذًا فيه، ورحل إلى بغداذ، ولقي أبا إسحاق بن السَّرِيِّ الزَّجَّاج وغيره، وأخذ عنهم.

سمعتُ إسماعيل بن القاسم قال: كان أبو إسحاق الزجاج يُفضِّل أبا العباس بنَ ولَّاد ويُقدِّمه على أبي جعفر النحاس، وكانا جميعًا تلميذيه، وكان الزجاج لا يزال يُثني على مَن قَدِم بغداذَ مِن المصريين، ويقول: لي عندكم تلميذٌ؛ من حاله وشأنه ... فيقالُ له: أبو جعفر بن النحاس؟ فيقول: لا، هو أبو العباس بن ولاد.

حدثني محمد بن يحيى الرياحي قال: بلغني أن بعض ملوك مصر جمع بين أبي العباس بن ولاد، وبين أبي جعفر بن النحاس، وأمرهما بالمناظرة، فقال ابن النحاس لأبي العباس: كيف تبني مثلَ "افْعَلَوْتُ" مِن "رَميتُ"؟ فقال له أبو العباس: أقول: "ارْمَيَيْت". فخطَّأه أبو جعفر وقال: ليس في كلام العرب "افْعَلَوْت"، ولا "افْعَلَيْت". فقال أبو العباس: إنما سألتَني أن أُمثِّلَ لك بِناءً فَفعلتُ. وإنَّما تغفَّله بذلك أبو جعفر.

قال أبو بكر: وأحسنَ أبو العباس بن ولاد في قياسه، حين قلب الواوَ ياءً، وقال في ذلك بالمذهب المعروف؛ لأن الواو تنقلب في المضارعة ياءً لو قيل، ألا ترى أنك كنتَ تقول فيه: "يَرْمِي"، فلذلك قال: "ارْمَيَيْت"، ولم يقل: "ارْمَيَوْت"! والذي ذكره أبو جعفر أنه لا يقال: "افْعَلَيْت" صحيحٌ، فأما "ارْعَوَيْت"، و"اجْأَوَيْت" فهو على مثال "افْعَلَلْت" مثل: "احْمَرَرْت"، وانقلبت الواو الثانية ياءً لانقلابها في المضارعة، أعني "يَرْعَوِي"، ولم يلزمها الإدغام كما لزم "احْمَرَّ"؛ لانقلاب المثل الثاني ألفًا في "ارْعَوَى".

<<  <   >  >>