هو أحمد بن محمد بن الوليد بن محمد التميمي، وكان بصيرًا بالنحو، أستاذًا فيه، ورحل إلى بغداذ، ولقي أبا إسحاق بن السَّرِيِّ الزَّجَّاج وغيره، وأخذ عنهم.
سمعتُ إسماعيل بن القاسم قال: كان أبو إسحاق الزجاج يُفضِّل أبا العباس بنَ ولَّاد ويُقدِّمه على أبي جعفر النحاس، وكانا جميعًا تلميذيه، وكان الزجاج لا يزال يُثني على مَن قَدِم بغداذَ مِن المصريين، ويقول: لي عندكم تلميذٌ؛ من حاله وشأنه ... فيقالُ له: أبو جعفر بن النحاس؟ فيقول: لا، هو أبو العباس بن ولاد.
حدثني محمد بن يحيى الرياحي قال: بلغني أن بعض ملوك مصر جمع بين أبي العباس بن ولاد، وبين أبي جعفر بن النحاس، وأمرهما بالمناظرة، فقال ابن النحاس لأبي العباس: كيف تبني مثلَ "افْعَلَوْتُ" مِن "رَميتُ"؟ فقال له أبو العباس: أقول: "ارْمَيَيْت". فخطَّأه أبو جعفر وقال: ليس في كلام العرب "افْعَلَوْت"، ولا "افْعَلَيْت". فقال أبو العباس: إنما سألتَني أن أُمثِّلَ لك بِناءً فَفعلتُ. وإنَّما تغفَّله بذلك أبو جعفر.
قال أبو بكر: وأحسنَ أبو العباس بن ولاد في قياسه، حين قلب الواوَ ياءً، وقال في ذلك بالمذهب المعروف؛ لأن الواو تنقلب في المضارعة ياءً لو قيل، ألا ترى أنك كنتَ تقول فيه:"يَرْمِي"، فلذلك قال:"ارْمَيَيْت"، ولم يقل:"ارْمَيَوْت"! والذي ذكره أبو جعفر أنه لا يقال: "افْعَلَيْت" صحيحٌ، فأما "ارْعَوَيْت"، و"اجْأَوَيْت" فهو على مثال "افْعَلَلْت" مثل: "احْمَرَرْت"، وانقلبت الواو الثانية ياءً لانقلابها في المضارعة، أعني "يَرْعَوِي"، ولم يلزمها الإدغام كما لزم "احْمَرَّ"؛ لانقلاب المثل الثاني ألفًا في "ارْعَوَى".