المعروف بالنَّعجة؛ وهو أبو عبد الله حَمْدون بن إسماعيل؛ وكان مُقدَّمًا بعد المهري في اللغة والنحو، وكان يقال: إنه أعلم بالنحو خاصة من المهري؛ لأنه كان يحفظ كتاب سيبويه، وله كتب في النحو، وأوضاع في اللغة؛ وكان أحد المتشادقين في كلامه، والمتقعِّرين في خطابه، وكان مُعلِّمُه المهري على خلاف ذلك، وكان المهري من عقلاء العلماء، ولم يكن حمدون موصوفًا بالعقل، وكان في شعره تكلُّف وضعف، وهو في العربية والغريب والنحو الغاية التي لا بعدها.
وقال أبو إسحاق بن نيَّار: أخبرنا حمدون النعجة قال: كنتُ جالسًا عند أبي الوليد المهري، فأردت شرب ماء، وكانت له جاريةٌ تُسمَّى:"سَلَّامَة"، وربما سمَّاها:"سلْ لئيمة" إذا غضب عليها، فقلتُ: يا سلَّامة، اسقيني ماءً. فأبطأتْ، فقلت:
* أرى "سَلْ لَئيمةَ" قد أبطأتْ *
فقال المهري:
* وعِلَّةُ إبطائها في الكسلْ *
فلا تُعْلمنْ نظرًا في الكتاب ... وما شئت من علم نحوٍ فسلْ
فقلتُ:
فإنك بحرٌ لنا زاخرٌ ... يَظَلُّ وأمواجُه تَرْتَكلْ