هو أبو عبد الرحمن بن أحمد بن عمرو بن تميم الفَراهيديُّ. وكان يونس يقول: الفُرْهوديّ مثل فُرْدُوس؛ وهو حيٌّ من الأزد. ولم يُسمَّ أحدٌ بأحمدَ بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل والد الخليل. وكان الخليل ذكيًّا فطنًا شاعرًا، واستنبط من العَرُوض ومن عِلَل النحو ما لم يستنبط أحدٌ، وما لم يسبقه إلى مثله سابق، وهو القائل:
اعمل بعلمي، ولا تنظر إلى عَملي ... ينفعك عِلْمي، ولا يضررْك تَقْصيري
وكتب إليه سُليمان بن عليٍّ الهاشميُّ يستدعيه إلى صُحبته، وبعث إليه بطُرَفٍ وكُسًا ومال وفاكهة، فقبل الفاكهة، وصرف ما سوى ذلك، وكتب إليه:
أَبلغْ سليمانَ أنِّي عنه في سَعَةٍ ... وفي غِنًى غير أنِّي لستُ ذا مال
سَخَّى بنفسيَ أنِّي لا أرى أحدًا ... يموت هَزْلًا ولا يَبْقَى على حال
فالرزق عن قَدَرٍ لا العجزُ يَنْقُصه ... ولا يَزِيدُك فيه حَوْلُ مُحْتَالِ
والفقرُ في النَّفْس لا في المال تعرفه ... ومثلُ ذاك الغِنى في النَّفْس لا المال
والمالُ يَغْشَى أُنَاسًا لا أُصول لهمْ ... كما تُغشى أصول الدِّنْدَن البالي
قال: ونظر في النجوم فأبعد النظر، ثم لم يرضَ بذلك، فقال: