هو محمد بن أبي محمد اليزيدي. وكان لأبي محمد أبناء، كلهم عالم شاعر كثير الرواية متَّسع في العلم، منهم: محمد بن أبي محمد، وإبراهيم بن أبي محمد، وإسماعيل، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن أبي محمد، وأبو يعقوب إسحاق بن أبي محمد اليزيدي، وكلهم قد روى وألَّف في اللغة والعربية.
وكان محمدٌ أسنَّهم، فأدَّب المأمون مع أبيه. قال أبو الحسن علي بن سليمان بن الفضل الأخفش: حدثنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن أبي محمد قال: أخبرني عمي أبو إسحاق إبراهيم بن أبي محمد قال: كان أخي محمد بن أبي محمد يقرئ المأمون في كل يوم، فلما ثقُل سَمْعُ أخي قال له المأمون: يا محمد، في قراءتي عليك مؤونة عليَّ؛ لأني أحتاج إلى أن أرفع صوتي بأكثر من طاقتي، فمر أخاك إبراهيم وابنك أحمد -وهو أبو جعفر- بأن يحضر كل واحد منهما في يوم لأقرأ عليه، وتكون حاضرًا، فإن شككتُ في شيء سألتك عنه. قال: فقرأ عليَّ في يوم نوبتي سورة مريم، قال:{إنما أنا رسول ربِّك لِيَهَبَ لكِ}، فقال يحيى بن أكثم: لا أحبُّ لك يا أمير المؤمنين أن تقرأ هذه القراءةَ. فقال له المأمون: وَلِمَ؟ قال: لأنها تخالف المصحف. فالتفت إليَّ المأمون فقال: ما تقول يا إبراهيم؟ قلت: يا أمير المؤمنين، هذه قراءة قد قرأ بها غيرُ واحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، أَوَّلُهم أبوك عبد الله بن العباس. قال: فالتفت إليَّ أخي محمدٌ فقال: ما أنتم فيه يا إبراهيم؟ قال: قلت: قرأ أمير المؤمنين: {إنما أنا رسول ربِّكِ لِيَهَبَ لكِ}، فقال يحيى: لا أحب أن تقرأ بهذا الحرف. قال: فَلِمَ؟ قال: لأنه مخالف لما في المصحف. فقال أخي للمأمون: ما ليحيى ولهذا! هذا حرف قد قرأ به جماعة من أصحاب