قال: وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد الخيَّاط النحوي غلام أبي جعفر أحمد بن محمد بن رستم الطبري، أنه قَصَد يومًا أحمد بن يحيى ثعلبًا، فدقَّ عليه الباب، فخرج وبيده جزء من مسائل الأخفش، فقال له: ويحك! صاحبك هذا مجنون، ويتكلَّم بما لا يُفْهم. فقلتُ: وأيُّ شيء وقفتَ عليه من هذا؟ فقال: كَمْ مني مكان السَّارية رجل. وكم مني مكان السارية ذراع؛ في غير ذلك من المسائل. فقلت له: هذا رجل أشرفَ على بحر، فهو يتكلَّم منه بما يريد. فسكتَ.
حدثنا أحمد قال: حدثنا أحمد بن خالد قال: حدثنا مروان قال: سمعت أبا حاتم -وذكر الأخفش- فقال: كان رجل سوء.
وكان الأخفش قَدَرِيًّا شِمْرِيًّا؛ يعني صنفًا من القَدَرِيَّة نُسِبوا إلى أبي شِمْر. ولم يكن يغلُو في القَدَر.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: أول مَن أمْلى غريب كل بيت من الشعر تحته الأخفش، وكان ببغداذ، وكان الطوسيُّ مسْتَمْليه. قال: ولم أدْرِكْه لأنه كان قَبْلَ عصرِنا، وكان يقال له: الأخفش الراوية.
وتوفي الأخفشُ سعيد بن مسعدة سنة خمس عشرة ومئتين.
[٢٤ - أبو عمر الجرمي]
هو أبو عمر صالح بن إسحاق البَجَلي، مولى لهم. نزل في جرْم فنُسِب إليهم. أخذ عن أبي الحسن الأخفش. قال أبو حاتم: كان الجرميُّ قد اختلط في آخر أمْره، وكان تَوْأَمًا، ولا يزال مَن خولط في الرَّحم يُصيبه شيءٌ.
قال أبو حاتم: قال الجرميُّ: أنا لم أضع كتابًا في النحو؛ إنما اختصرت كتاب سيبويه. فقلتُ له: وذاك لو كنت تحسن تخْتصره.