وكان سعيد المعتمد عليه فيها- فأبى سعيد من التَّقِيَّة، وقال: إني قد أربيتُ على التسعين، وما بي إلى العيش من حاجة، وقتيل الخوارج خير القتلى، ولا بد لي من المناضلة عن الدين، وأن أبلِغ ذلك عذرًا. ففعل ذلك، وصدق، ونصح -رحمه الله-.
١٨٠ - الطَّلَّاء المُنجِّم
هو إسماعيل بن يوسف، وكان من ذوي العلم بالعربية، وكان غايةً في علم النِّجامة، وهو أولُ مَن أدخل الطّلاء العراقيّ القيروان، وتلطَّف في علمه بالعراق.
قال أبو بكر: أخبرني بعض القرويين قال: كان أهل العلم بصناعة الطلاء بالعراق يضِنُّون بصناعتهم، وكان إسماعيل بن يوسف قد لازمهم وخدمهم، فكانوا يُخرِجون إليه وإلى أصحابه من التلاميذ العقاقير للدّق مختلطة، فتحيَّل إسماعيلُ بن يوسف للمبيت في خِزانة العقاقير، وأعد فَرَسْطونًا صغيرًا، فبات ليلته تلك يزنُ كلَّ عقِّير هنالك، فلما كان من الغد أُخرِجت إليهم العقاقير للدّق والطّلاء، واستعملوا ذلك، ثم رجع إسماعيل بن يوسف من الليلة القابلة، فعاود وزن عقاقير الخِزانة، فعرف ما نقص كلّ عِقِّير منها، فعلم أنه المأخوذ للاستعمال في ذلك النهار، فكتب ذلك كلّه، ثم استعمله، فقامت له الصناعة.
وغزا مع إبراهيم بن الأغلب غزو المجّان، وشهد حرب طَبَرْمين،