بالنَّوادرِ، أملاه ظاهرًا، وارتجل تفسير ما فيه. وهذا الكتاب غايةٌ في معناه، وهو أنفع الكتب؛ لأن فيه الخبر الحسن، والمثل المتصرّف، والشعر الفائت المنتقى في كل معنى، وفيه أبواب من اللغة مستقصاة ليست توجد في شيء من كتب اللغة بكمال ما هي في هذا الكتاب، وفيه الإبدال والقلب مستقصى، وفيه تفسير الإتباع، وهو ما لم يسبقه إليه أحد، إلى فوائد كثيرة فيه.
ومنها كتابه في الممدود والمقصور، بناه على التفعيل ومخارج الحروف من الحلق، مستقصى في بابه، لا يشذ عنه شيء من معناه، لم يوضع له نظير.
ومنها كتابه في الإبل ونتاجها وما تصرف منها ومعها. ومنها كتابه في حُلَى الإنسان والخيل وشِياتها. ومنها كتابه في "فعلت وأفعلت". ومنها كتابه في "مقاتل الفرسان".
ومنها تفسيره للقصائد المعلقات وتفسير إعرابها ومعانيها، إلى كتب كثيرة ارتجل جميعها، وأملاها عن ظهر قلب كلها.
وألف كتاب "البارع في اللغة"، فبناه على حروف المعجم، وجمع فيه كتب اللغة، وعزا كلَّ كلمة إلى ناقلها من العلماء، واختصر الإسناد عنهم، وهو يشتمل على خمسة آلاف ورقة، ولا نعلم أحدًا من العلماء المتقدمين والمتأخرين ألَّف نظيره في الإحاطة والاستيعاب. وتوفي قبل أن يُنقِّحه، فاستُخرج بعده من الصُّكوك والرّقاع.
سألتُ أبا عليٍّ عن نسبه ومولده، فقال: أنا إسماعيل بن القاسم بن عَيْذون بن هارون بن عيسى بن محمد بن سليمان؛ مولى عبد الملك بن مروان -رحمه الله-.
وُلِدتُ بمنَاز جَرْدَ من ديار بَكرٍ سنة ثمانين ومئتين، ورحلتُ إلى بغداذَ سنة ثلاث وثلاثمئة فأقمت بالموصل، وكتبت عن أبى يَعْلَى الموصليِّ وغيره، ثم دخلت بغداذ سنة خمس وثلاثمئة فأقمت بها إلى سنة ثمان وعشرين وثلاثمئة أكتبُ الحديثَ، فممن كتبتُ عنه: أبو بكر عبد الله بن أبي