فذُقْ واحْسُ ما اسْتَحْسيتَه، لا أقول إذْ ... عثرت: لعا! بل لليدين وللفم
قال ابنُ النَّحَّاسِ: كان أول الكلام مُزاحًا، وكان ابنُ السِّكِّيتِ يتشيَّع.
قال أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه: حدثنا أبو العباس محمد بن يزيد، عن أبي عثمان المازني قال: اجتمعتُ مع يعقوب بن السكيت عند محمد بن عبد الملك الزيات، فقال محمد بن عبد الملك: سَلْ أبا يوسف عن مسألةٍ. فكرهتُ ذلك، وجعلتُ أتباطأُ وأدافعُ مخافةَ أن أُويِسَهُ؛ لأنه كان لي صديقًا، فألحَّ عليَّ محمدُ بنُ عبد الملكِ، وقال: لِمَ لا تسألُه؟ فاجتهدتُ في اختيار مسألةٍ سهلةٍ؛ لأقارب يعقوبَ، فقلتُ له: ما وزنُ "نَكْتَلْ" مِن الفعل من قول الله عز وجل: {أَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ} فقال: "نَفْعَلْ". فقلتُ له: ينبغي أن يكونَ ماضيه "كَتَلَ"! فقال: لا، ليس هذا وزنه، إنما هو "نَفْتَعِلْ". فقلتُ له: فَنَفْتَعِل كم حرفًا هو؟ قال: خمسة أحرف. فقلتُ له: فَنَكْتَلْ كم حرفًا هو؟ قال: أربعة أحرف. قلتُ: فكيف تكون أربعةُ أحرفٍ بوزنِ خمسةٍ؟! فانقطع وخَجِل وسَكَتَ، فقال محمد بن عبد الملك: فإنما تأخذ كلَّ شهرٍ ألفي درهم على أنك لا تُحسِن ما وزنُ "نَكْتَلْ"!! فلما خرجنا قال لي يعقوب: يا أبا عثمان، هل تدري ما صنعتَ؟ فقلتُ له: والله لقد قاربتُك جهدي، وما لي في هذا ذنب.
وقال لي أبو بكر -وقد سئل عن تاريخ أبي يوسف، وسِنِّهِ-: فقال لي: حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن نصر الضُّبَعِيُّ -وذكر أمر وفاته فقال: كان سبب ذلك أنه حضر مجلس النِّدام للمتوكل، فدخل عليه ابناه المعتز والمؤيد، فقال له: يا يعقوب، أيُّما خير: الحسين والحسن، أم هذان؟