تسمى كتب الألفاظ، وكتاب في اشتقاق الأسماء مما لا يأت به قطرب.
وكان شاعرًا خطيبًا بليغًا، وقام بخطبة بين يدي زيادة الله بن محمد بن الأغلب -وهو أمير إفريقية يومئذ- طويلة فصيحة؛ ذهب فيها إلى تقريظه، ووصلها بشعر فيه.
وكان المهري مع أدبه وعلمه أحد المبذرين في معيشته، ومن ذوي النهامة والإغراق في مطاعمه، لا قصد له ولا رفق، لا يمسك دينارًا، على كثرة ما يوصل ويجبى، حتى إن بعضهم كان يقول: ينبغي أن يولَّى عليه، واستمر على حاله هذا حتى توفي، وكان يتكل على المفضلين وكثرتهم من أهل الزمان لمعرفتهم بحقه.
وكتب رجل من أصحاب المهري إليه كتابًا فأطال وكثر، فلم يأت بحسن، فكتب إليه المهري:"خير من الإطالة السكوت، وفي القصد إلى الحاجة قطع لمسافة الإطالة".
قال أبو علي الحسن بن أبي سعيد: أخبرني محمد بن وليد المؤدب قال: أخبرني أحمد بن أبي الأسود النحوي قال: لما ولَّى زيادةُ اللهِ بنُ إبراهيمَ بنِ الأغلبِ ابنَ أخيه أبا الأغلبِ جزيرةَ صقلية -وكان أبو الأغلب غاية في الجود والكرم-، بعث في أبي الوليد المهري فقال له: إن الأمير -أكرمه الله- ولَّاني جزيرةَ صقلية، فاخرج معي صاحبًا لي مؤانسًا. فأبى من ذلك واعتذر إليه، وقال: لا أقدر على ركوب البحر. فقال له: أردتُ غناك، وأراد الله بك خلافَ ذلك، ارفع المنديلَ الذي بين أيدينا. فرفعه، فإذا بدنانير كثيرة، قال: اختر منها مئة دينار، وانصرِفْ. ففعل، وبعث في ابن غورك فعرض عليه صحبته، فسارع إلى ذلك، فأغناه وأغنى عقبه.
ويروى عن المهري قال: قال لي محمد بن يزيد، وكان من أفصح حجازي قدم علينا، وقد أتيته بكتب ينظر فيها، فقال: ماذا بكتبك من الطرافة؟