بأيِّين؟ وكيف تقول على مثال ذلك من وأيت أو أويت؟ فقدَّر وأخطأ، فقلت له: أعد النظر، فقدَّر فأخطأ، فقلت: أعد النظر، فقدَّر فأخطأ، فقلت له: أعد النظر، ثلاث مرات يُجيب ولا يصيب. فلما كَثُر ذلك عليه قال: لستُ أكلِّمكما أو يحضر صاحبكما حتى أناظره.
قال: فحضر الكسائيُّ، فأقبل على سيبويه فقال: تسألُني أو أسألُك؟ فقال: لا، بل تسألني أنت. فأقبل عليه الكسائيُّ فقال: ما تقول، أو كيفَ تقول:"قد كنتُ أظنُّ العقربَ أشدَّ لسعةً من الزُّنبور فإذا هو هي"، أو "فإذا هو إيَّاها"؟ قال سيبويه:"فإذا هو هي"، ولا يجوز النصب. فقال له الكسائيُّ: لحنتَ. ثم سأله عن مسائلَ من هذا النوع:"خرجت فإذا عبد الله القائمُ" أو "القائمَ". قال سيبويه في ذلك كلِّه بالرفع دون النصب. فقال الكسائيُّ: ليس هذا كلامَ العرب، العربُ ترفعُ في ذلك كلِّه وتنصب. فدفع سيبويه قولَه.
فقال يحيى بن خالد: قد اختلفتما، وأنتما رئيسا بلديكما، فمَن ذا يحكمُ بينكما؟! قال الكسائي: هذه العرب ببابك قد جمعتَهم من كل أوْب، ووفدتْ عليك من كل صُقْع، وهم فُصَحاء الناس، وقد قنع بهم أهل المِصْرين، وسمع أهلُ الكوفة وأهلُ البصرة منهم، فيُحضَرون ويُسألون. فقال يحيى وجعفر: قد أنصفتَ. وأمر بإحضارهم، فدخلوا عليه وفيهم أبو فَقْعَس وأبو دثار وابو الجرَّاح وأبو ثَرْوان، فسُئِلوا عن المسائل التي جرتْ بين الكسائيِّ وسيبويه، فتابعوا الكسائيَّ وقالوا بقوله.
فأقبل يحيى على سيبويه فقال: قد تَسْمَع أيها الرجل! قال: فاستكانَ سيبويه، وأقبل الكسائيُّ على يحيى فقال: أصلح الله الوزير! قد وفَد عليك مِن بلده مُؤمِّلًا، فإن رأيتَ ألَّا تردَّه خائبًا. فأمر له بعشرة آلاف درهم، فخرج وصيَّره ووجَّهه إلى فارس، فأقام هناك حتى مات ولم يَعُدْ إلى البصرة.
قال: إنما أدخل العماد ونصب.
وحكى أحمد أبو جعفر النحاس، أن كِتابَ سيبويه وُجِد بعضُه تحت