قال: فأخذه فجعل ينظر فيه، ثم دخل إلى حجرة قد أخلِيتْ له ليتهيأ للصلاة، ومعه جَاريتُه الحَوْلاء، فأبطأ هُنيهة، ثم خرج، فقال: اضربي عَلَيَّ. فضربَتْ ثم غنَّى هو.
وأنشد أبو القاسم اليزيدي لمحمد بن أبي محمد ممَّا عمله على لسانِ المأمون في عليِّ بن هشام:
وصاحبٍ ونديمٍ ذي مُحَافظة ... سَبْط البَنان بشُرْب الراح مفتُونِ
ناديتُه ورواقُ الليل مُنْسَدِلٌ ... تحت الظلام دفينًا في الرياحِين
فقلتُ خذ قال كفِّي لا تُطَاوعني ... فقلت قُمْ قالَ رِجْلِي لا تُواتِيني
إنِّي غفلتُ عن الساقي فصيَّرني ... كما تراني سليبَ العقل والدين
قال: وحدَّث أبو العباس، عن أبي صالح بن يزداد قال: كنت في الديوان على باب المأمون، فجاء محمد بن أبي محمد، فقام إليه الحاجب، فقال: قد أخذ أمير المؤمنين دواء، وأمرني ألا أوذِنَه بأحد حتى يخرج من دوائه. قال: والله لقد كنا عنده إلى أن مضى الليل، فما ذكر من ذلك شيئًا. فقال: عزم على ذلك بعد انصرافكم. قال: فقلتُ: أفتوصِّل إليه رقْعة؟ قال: أمَّا هذه فنعم. فصاح: يا عبد الله، هاتِ الدّواةَ. فأتيتُه بالدواة والقرطاس، فكتب وهو راكب: