أقيم عندَك، ولا تقعدْ من قيامك؛ حتى تُوَافِيَني إلى البيت، ولستُ أنْتظرك؛ فإنّ عندي إنسانًا يشتَاقُك وتشتَاقه، ثم قال: يا غلام، أسْرِج الدابَّة، واذهبْ أنت يا غلام فجئني بثيابه، ثم مَضَى وتركني. فلبِستُ ثيابي ولحقت به. فدخلت وهو قاعد على مصلّى عند باب الرّواق، وبحذاء المصلَّى آخَرُ عليه مخارق، وقد أخْلِيَ لي الصدْر. فلما دخلتُ قام إليَّ مخارق فسلَّم عليَّ، ثم جلس، فأقبلنا نتذاكر أيامنا، فقال محمد بن الفضل: يا غلام، ما عندك من الطعام؟ قال: جَدْي بارد وفراريج وشرائح. قال: آتنا بما حَضَر. ثم بعث إلى الجواري يأمرهنَّ بالغَدَاء، فتغدَّينا، وتغدَّى الجواري، ثم خرجْن إلينا، ومع كلِّ واحدة وصيفة تَحْمِل عودَها، ومعها مِذبَّة. فقعدْن وأخذن عيدانهنَّ، فكان إذا مرَّ بي الصوت أستحسنُه من مخارق استعدتُه وأشرتُ إليهنَّ ليأخذنه، فغنَّى مخارق:
فاستحسنتُه واستعدتُه مرَّاتٍ، فقال لي مخارق: يا أبا جعفر، كأنَّه قد دار لك! قلتُ: إي والله. قال: ففيه عيب. قلتُ: وما ذاك يا أبا المهنَّأ؟ قال: هو فَذٌّ. قلتُ: فتحبُّ أن يكون تَوْأَمًا؟ قال: إي والله. فقلتُ:
فقلت لهمْ: لو أَنَّ قلبي يُطيعني ... فَعَلْتُ ولكنْ لا يطاوعُني قَلْبي
فاستحسنه وغنى فيه ثم قال لي يا أبا جعفر لي صوت عيبه كعيب هذا فقلت وما هو فقال:
زرْ آل زينَب أيُّها الوجِعُ ... واسأَلْهُمُ أعطوْك أو مَنَعوا