* عن أبي هريرة، قال: (قال لنا رسول الله ﷺ، ونحن بمنى: «نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر»، وذلك إن قريشًّا وبني كنانة تحالفت على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم، حتى يسلِّموا إليهم رسول الله ﷺ يعني بذلك، المحصب)، رواه البخاري: (١٥٩٠)، ومسلم: (١٣١٤). (٢) لم يطق أشراف قريش أن يستعلن أبو بكر بقراءة القرآن في فناء داره إذ كانت تهوى إليه أفئدة من أبنائهم ونسائهم وعبيدهم يستمعون لقراءته، فخشي المشركون أن يفتتنوا، وكان ابن الدَّغِنَّة قد أجار أبا بكر، فأمروه أن يسترد جواره منه إذا أصر على الإعلان بقراءته، وقد فعل. الحديث رواه البخاري *. * عن عائشة ﵂، قالت: «لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله ﷺ طرفي النهار، بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون، خرج أبو بكر مهاجرًا قِبَل الحبشة، حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدَّغِنَّة، وهو سيد القارة، فقال: أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي، فأنا أريد أن أسيح في الأرض، فأعبد ربي، قال ابن الدَّغِنَّة: إن مثلك لا يخرج ولا يخرج، فإنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، وأنا لك جار، فارجع فاعبد ربك ببلادك، فارتحل ابن الدَّغِنَّة، فرجع مع أبي بكر، فطاف في أشراف كفار قريش، فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج، أتخرجون رجلَا يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكَلَّ، ويقري الضيف، ويعين على نوائب الحق، فأنفذت قريش جوار ابن الدَّغِنَّة، وآمنوا أبا بكر، وقالوا لابن الدَّغِنَّة: مر أبا بكر، فليعبد ربه في داره، فليصل، وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك، ولا يستعلن به، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا، قال ذلك ابن الدَّغِنَّة لأبي بكر، فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره، ولا يستعلن بالصلاة، ولا القراءة في غير داره، ثم بدا لأبي بكر، فابتنى مسجدًا بفناء داره وبرز، فكان يصلي فيه، ويقرأ القرآن، فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم، يعجبون وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلًا بكاء، لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إلى ابن الدغنة، فقدم عليهم فقالوا له: إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره، وإنه جاوز ذلك، فابتنى مسجدا بفناء داره، وأعلن الصلاة والقراءة، وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا، فأته، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل، وإن أبى إلا أن يعلن ذلك، فسله أن يردَّ إليك ذمتك، فإنا كرهنا أن نخفرك، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان، قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة أبا بكر، فقال: قد علمت الذي عقدت لك عليه، فإما أن تقتصر على ذلك، وإما أن ترد إلي ذمتي، فإني لا أحب أن تسمع العرب، أني أُخفرت في رجل عقدت له، قال أبو بكر: إني أرد إليك جوارك، وأرضى بجوار الله»، رواه البخاري: (٢٢٩٩)، (٣٩٠٥).