للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرغت لتوِّي من قراءة كتابك القيم (الظاهرة القرآنية)، ومما أعطى لموضوعك أهمية كبرى أنه قديم وحديث معًا.

ففي ضوء العلم الحديث، ولجت قضية رئيسية ما فتئت تشغل المفسرين في كل زمن، ولعلي أنا لامستها في دراسات عديدة سابقة، سواء ما كان منها بالعربية أو الفرنسية.

إنَّ الغبطة التي شعرت بها وأنا أقرؤه، لهي من العمق بقدر ما أتاحت لي هذه القراءة أن أدرك من جديد، ذلك الجهد الجاد المستقل والمتجرد، يقود الباحثين عن الحقيقة إلى نتائج متماثلة، بل موحدة على الرغم من المسافة التي يمكن أن تفصل بينهم في المكان والزمان.

وإذا نحينا جانبًا أسلوبك الفني في الكتابة، وطريقتك الرائعة في عرض الأشياء، فإننا نجد طرقنا في الدراسة متشابهة بصورة بارزة.

ليس هذا فحسب، بل من غير النادر أن يحمل تفحصنا للأمر المثل نفسه وأن يشير إلى المعنى ذاته.

إنَّ المسألة هي في البحث عن المصدر الحقيقي للقرآن، وأن نعرف ما إذا كان يمكن أن يكون هذا الكتاب قد استخرج من علم أو إدراك من أرسل به، أو من معرفة بشرية على وجه العموم، أم أنه على العكس من ذلك، هنالك أسباب لا يمكن دفعها تحدونا للاعتقاد بمصدره العلوي الإلهي.

تلك هي المسألة التي جئتَ بدورك تلزم نفسك بالعمل على حلها، بإيجاد الأسس الثابتة والعقلية، للإيمان بالمصدر الإلهي لهذا الكتاب، وتسليط الأضواء عليها.

وإذا كان المفسرون التقليديون، تَوَصُّلًا إلى الهدف نفسه، قد أكدوا بصورة خاصة على الجانب الأدبي من المسألة، فإن هذا الموقف على كل حال يجد تفسيره وما يسوغه في المسلمة الأعم للقرآن.

تلك المسلَّمة التي تميز بها الأسلوب القرآني في جمال لا يضاهى وجلال

<<  <   >  >>