بالنتائج الثابتة والمستخرجة من تجاربهم، وأن يأخذ من تلك الواجهة ما ينتج عنها من دروس.
وإذا كان في الواقع هنالك حقيقتان، فإنه لا يحق لواحدة منهما أن تنكر الأخرى، بل على العكس من ذلك، عليها أن تؤكدها وتشد من أزرها.
وإذا اتفق لمؤمن متعلم أن ملك موهبة الكتابة فوق هاتين الصفتين من الإيمان والعلم، فإن واجبًا آخر يقع على عاتقه: إنه إخراج ثمار علمه بلغة عصره، كما يفعل نبي يخاطب قومه بلغتهم.
إنني أستطيع أن أؤكد بأنك قمت بكلا الواجبين.
فقد تأملت بنضج، ذلك الاتصال بالعقل والتراث، بالعلم والعقيدة وأفرغت في عرض جميل واضح ومتماسك شرارة ما تفجر من ذلك اللقاء.
فسداد حكمك، وحرارة عقيدتك، وحداثة مصطلحاتك، وجمال أسلوبك؛ هذه كلها ميزات بارزة لا أستطيع أن أفيك ما تستحق من تهنئة عليها، ولكني أرى من الواجب أن أوجه كلمة إلى الشباب المثقف كيما يتفادى التباسًا يمكن أن يقع فيه حول الهدف الحقيقي من هذه الدراسة.
أريد أن أقول لهؤلاء الشباب: إن الأمر لا يعني هنا نشرة لجمع المعلومات وتخزينها في الذاكرة، ولكن نموذجًا حيًّا من نقاش جدلي، فائدته الحيوية الكبرى بما يذكي من الطاقة الروحية لسائر القراء القادرين على التفكير بمنهجية، كما يضع كل منهم بدوره قضية (الحقيقة) ويبحث بوسائله الذاتية عما يتعين عليه اتخاذه في سبيلها.
فإذا استطاعت نشرة من هذا النوع أن تخدم بوصفها علاجًا للتشكك الديني فتلك زيادة في الخير، إنما يبقى الهدف الأساسي قبل كل شيء محاربة اللامبالاة حول مسألة (الحقيقة العلوية).
على كل حال فإن دراسة كهذه، لا تفكر في أن تفرض نفسها على أنها نوع من العقيدة، نقبله بعيون مغمضة وبغير نقاش، فهذا على ما يبدو لي أبعد ما يكون عن فكر المؤلف، فضلًا عن أنه يتنافى مع المبادئ القرآنية التي يدافع عنها.