للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال عليه الصلاة والسلام: ((يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)). (١)

ولما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزحام على تقبيل الحجر قال لعمر: ((يا عمر، إنك رجل قوي، لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف، إن وجدت خلوة فاستلمه، وإلا فاستقبله، فهلل وكبر)). (٢)

وفي الوقت الذي أمر فيه زيد بن ثابت أن يتعلم السريانية (٣)، لم يستطع بنفسه عليه الصلاة والسلام أن يُعَلِّم أحد الصحابة الفاتحة، فأمره أن يقول بدلها: ((سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله)). (٤)

فأي مراعاة لأحوال المدعوين بعد هذا .. ؟ ! رجل يُؤمر بتعلم لغة غير لغته، وذلك لِما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حفظه وفطنته، ورجل يأمره بالتسبيح بدل الفاتحة، لِمَا رأى من ضعف ذاكرته .. إنها مراعاة لطباع المدعوين الشخصية، التي فقدها بعض الدعاة والمربين.

وهكذا ينبغي على الداعية أن يكون فطناً لطبيعة المدعو، مدركاً لما ينفعه في تلك الصفة التي يتصف بها، فيؤخر النصيحة، ويرجيء الأمر، ويعجل البيان، ويمسك عن الجواب، كل ذلك وما


(١) رواه البخاري (٥٦٦٦، ٧٢١٧)، ومسلم (٢٣٨٧) واللفظ له.
(٢) رواه أحمد (١/ ٢٨)، واللفظ له، والبيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٨٠).
(٣) رواه أحمد (٥/ ١٨٢)، والطبراني في الكبير (٥/ ١٥٥، ١٥٦)، والحاكم (٣/ ٤٢٢) وقال: صحيح إن كان ثابت بن عبيد سمعه من زيد بن ثابت ولم يخرجاه.
(٤) رواه أحمد (٤/ ٣٥٣)، وأبو داود (٨٣٢)، والنسائي (٢/ ١٤٣)، والحاكم (١/ ٢٤١) وصححه ووافقه الذهبي.

<<  <   >  >>