القسم الثالث: ما اعتادوه من الأخلاق الفاضلة، مما حث عليه الشرع حثاً عاماً، دون تقييد أو تخصيص، كالكرم والمروءة، وإغاثة الملهوف، والتعاون في حاجات المجتمع، وما شابه ذلك.
ولا بد للداعية قبل أن يخوض غمار الدعوة إلى الله تعالى؛ أن يكون على إدراك واقعي، وعلم شرعي، وحكمة دعوية في هذه العادات، حتى يضع الأمور في مواضعها، وينزل الأحكام على وقائعها، وحتى لا يتعرض لِمَا يُوقِف دعوته، ويُعرقل مسيرته.
لأن التعرض لعادات الناس دون حكمة، مُفْضٍ في كثير من الأوقات إلى الفتنِ، واتهامِ الداعية، ومؤذنٌ بعزله عن المجتمع، وتوقفه عن دعوته.
ذلك لأن تخليَ الناس عن عاداتهم -ولو كانت محرمة- ليس بالأمر الهين، فمن الصعوبة بمكان أن يستجيبوا بموعظة أو موعظتين.
[المطلب الثالث: أحكام هذه العادات]
فأما عادات الناس التي حث عليها الشرع، فيُثني الداعية على الناس فيها خيراً، ويُشجعهم على الاستمرار عليها، ويَذْكُر لهم ما فيها من الخير والنفع، وما يترتب عليها عند الله من الأجر والعطاء، كي يستمروا عليها، ولا يتخلوا عنها.
وقد جاءت النصوص من الكتاب والسنة بالثناء على العادات الحميدة، ولو فعلها الجاهلون.