لا تنفصل قضايا الدعوة واحدة عن الأخرى انفصالاً تاماً، فإن مسألة التدرج في المأمورات والنهي عن المحرمات من باب فقه الأولويات، ومن باب مراعاة حال المدعوين كذلك، ولكن التدرج يفارقهما في مراعاة حال المدعو إيمانياً، ونفسياً، وواقعياً، من حيث المادة العلمية نفسها.
فمن الضروري جداً؛ أن يكون لدى الداعية منهجٌ واضح في قضية التدرج مع المدعوين، وفقهٌ في الأولويات التي ينبغي للداعية أن يقدمها ويراعيها، كي تؤدى الدعوة إلى الله على وجهها الصحيح، ولتتناسب وفطر الناس التي فطرهم الله عليها، ولكي يوفق إلى اختيار الأهم فالأهم، إذا ما تزاحمت لديه الأمور، واجتمعت عليه في آن واحد القضايا.
فالتقعيد في هذا الباب، والفقه فيه، يعطي الداعية تصرفاً سليماً في المواقف، وترتيباً لأولويات دعوته، مما يحفظ عليه وقته وجهده، فينتفع وينفع، ويزرع .. فيثمر .. وإلا تخبط في دعوته، فيَضيع ويُضيّع .. ويزرع .. فلا يثمر ..
والمقصود بالتدرج: الانتقال بالمدعو من الأسهل إلى الأصعب، ومن كلية إلى أخرى، ومن الكليات إلى الجزئيات، ومن الدعوة النظرية إلى