بقي بعض القواعد الدعوية المتفرقة، التي لا تندرج تحت باب مستقل، ومن ذلك:
المطلب الأول: القاعدة الأولى: جواز ترك المستحب لتأليف الناس، ورغبةً في قبولهم الدعوة إلى الله.
المستحب: هو الذي يؤجر فاعله، ولا يعاقب تاركه (١) .. مهما كان سبب الترك مالم يكن جاحداً مستهزئاً، فإذا رأى الداعية: أن هذا المستحب مكروه عند الناس، لجهلهم بالسنة، ويصدهم عن الدعوة، جاز له ترك هذا المستحب، بل ربما وجب عليه ذلك الترك، لما يتحقق من مصالح عظيمة، كقبول الدعوة، وما يترتب على ذلك من؛ تصحيح عقائدهم، وإصلاح عباداتهم، واستقامة أحوالهم.
وفي هذا من المصالح التي لا تفوت لأنها أكبر بكثير من مصلحة المستحب التي يمكن تفويتها لأجل المصلحة الكبرى.
وهذا الترك؛ ليس من الرياء في شيء، كما يظن بعض الناس، بل هو مقتضى قواعد المصالح والمفاسد، وقد ذُكِرت هذه القواعد من قبل مما يغني عن إعادتها.
(١) المستحب: اسم لما شرع زيادة على الفرض والواجبات، وقيل: المستحب: ما رغَّب فيه الشارع، ولم يوجبه، التعريفات للجرجاني (٢١٢)، المحصول في علم أصول الفقه (١/ ١٢٨) وقيل: هو ما طلب الشارع فعله، غير لازم، أو هو ما يثاب فاعله، ولا يعاقب تاركه، أصول الفقه لأبي زهرة (٣٩)، إلا أن يكون جاحداً له فله حكم آخر.