للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما كان الشرك أعظم الذنوب، كان لابد من تقديم النهي عنه على كل ذنب، فهذا تدرج وأخذ بالأولويات، وهكذا تتداخل هاتان القاعدتان، وتتشاركان.

والمقصود تمثيلاً: أنّه إذا أسلم رجل .. أو إذا جاء داعية إلى قوم قد تركوا الواجبات .. وفعلوا المحرمات، فلا يطلب منه (منهم) فعل الواجبات كلها دفعة واحدة، ولا ترك المحرمات كلها دفعة واحدة .. وإنما يطلب منه (منهم) التوحيد .. ثم الصلاة، ثم الزكاة، وينهى عن الكبائر .. كبيرة كبيرة ..

وأما إذا كان الرجل حديث الإسلام، أو القوم الذين ضعف إيمانهم .. على استعداد لتقبل فعل معظم الطاعات، وترك معظم المنهيات فيبلغون والحال هذه .. لكن كم من امرئ أفاد أنه على استعداد .. ثم سرعان ما انتكس.

[المطلب الثاني: التدرج في المأمورات واحدة واحدة وأدلة ذلك]

من أوضح ما يبين قضية التدرج في الواجبات، نزول القرآن على مراحل، وعدم نزوله دفعة واحدة، لأن هذا التتابع والتدرج يثبت الأفئدة، ويجعلها تعي ما يقال لها، لذلك لما استغرب الكفار نزول القرآن منجماً، قال لهم سبحانه مخاطباً رسوله - صلى الله عليه وسلم -: { ... كَذَلِكَ لِنُثَبّتَ بِهِ فُؤَادَكَ .. } الآية [الفرقان: ٣٢]، ويبين هذا؛ ما كان من سيرة الأنبياء في مسلكهم الدعوي، فقد كانوا يدعون الناس إلى توحيد الخالق، ونبذ الشرك، قبل

<<  <   >  >>