للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استعمالهما، فهما يرسخان المعلومة، ويدفعان المدعوين للتفاعل، ويذهبان السآمة والملل (١).

وليس من الحكمة في شيء، ثبات الداعية على أسلوب واحد، لا يحيد عنه، ولا يتزحزح، مما يدفع المدعوين إلى الملل والسآمة، وعدم المشاركة، كما يؤدي الأسلوب الرتيب إلى تقليل الفهم، وعدم ترسيخ المعلومة.

[المطلب الثاني: أمثلة من تنوع الخطاب في الكتاب والسنة]

إن المتأمل في كتاب الله يجد هذا الأسلوب جلياً وكثيراً .. وقد ذكرنا قسطاً منه في مبحث (الجدال) فليراجع.

وأما في السنة فقد كان سيد الحكماء - صلى الله عليه وسلم - ينوع أسلوبه مستعملاً الأساليب كلها الإلقائية منها .. والحوارية .. وطرح المشكلات.

فتارة يكون أسلوبه إلقاءً مرعباً، كأنه يخبر عن العدو: أنه على الأبواب ..

فعن جابر بن عبدالله قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش، يقول:


(١) كان ثمة مسجد في منطقة صناعية، وكان روّاده لا يجلسون لواعظ .. فقام - مرة - أحد الدعاة، وبدأ قائلاً: لو وزّعت البلدية الأراضي في المنطقة فكيف ستوزّعها؟ .. فجلس الجميع ورجع الذين خرجوا من المسجد .. وأصبح الناس كلهم مشدودين إلى الداعية ينتظرون ماذا يقول؟ فبعد أن هدؤوا قال الداعية: (آالبلدية .. أعز عندنا من الله ورسوله .. ) (آالأراضي الدنيوية الفانية أغلى عندنا من أرض الجنة .. )، فكانوا بعد ذلك إذا قام لا يخرجون ..

<<  <   >  >>