للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنهم؛ من فقد الفقه- فقه الدعوة إلى الله- وظن أن المداراة مداهنة، وأن كل تلطف، أو كلمة طيبة، أو خلق حسن مع العاصي أو المخالف، هو مداهنة، ويرى أن كل سكوت مؤقت عن الخطأ - بغية إصلاح ما هو أعظم، أو انتظار فرصة أفضل، أو التدرج مع المدعوين تمييع، ومداهنة.

وهؤلاء؛ فقدوا الحكمة، وخالفوا الشرع، فغلظت قلوبهم، وساءت أخلاقهم، وقست عباراتهم مع الناس، فنفروا العباد، وأساءوا إلى الدين، وضيعوا كثيراً من المصالح، وجلبوا كثيراً من المفاسد عليهم، وعلى الدعوة، ولم يكتفوا بذلك، بل عابوا على غيرهم حكمتهم، واتهموهم بـ (المداهنة) والـ (التلون) لتلطف فعلوه، أو لكلام طيب مع العاصي أو المخالف أظهروه، أو لبيان حق لمصلحة شرعية أخروه، واحتجوا بعموم النهي عن ذي الوجهين، وبعموم الأمر بالصدع بالحق، متغافلين عما أمر الله به من الحكمة، وما كان من سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذه المواقف .. من الرفق والكلام الطيب .. وتأخير البيان لمصلحة جلية، وما شابه ذلك، وقد سبق من الأدلة على هذا مما يغني عن تكراره.

[المطلب الثالث: عواقب غياب هذه القاعدة]

إن عواقب إهمال هذه القاعدة من قاموس الداعية، جر على المداهنين ضياع دينهم، وفقدان ثقة الناس، وعدم مبالاتهم بهم، فضلاً عما ينتظرهم من حساب ربهم.

<<  <   >  >>