للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثامن حاجتنا إلى التواضع]

إن حاجة العلماء والدعاة إلى التواضع أشد من حاجة غيرهم إليه، لما له من أثر إيجابي كبير في نفوس المدعوين.

والمقصود بالتواضع: خفض الجناح، وقبول الحق ممن كان صغيراً أو كبيراً، صعلوكاً أو وجيهاً، صديقاً أو عدواً، واحترام كل الناس (١)، وعدم ازدرائهم للون أو نسب أو مهنة، وتذليل النفس للمؤمنين، ومخالطة الضعفاء والمساكين، والاستشعار بفضل الآخرين بكل شيء، والتقصير في كل شيء وهذا واجب على كل مسلم بعامة، وعلى العالم والداعية بخاصة.

بل على العالم أو الداعية - فوق ذلك - أن يتنازل عن كثير من حقوقه، وأن يغض النظر عن كثير من تجاوزات المدعوين تجاهه، وأن يتحلى بالتواضع فعلاً، بكل ما في هذه الكلمة من معان شرعية، حتى يكون قريباً من الناس بخطابه، ومن المتربين بتوجيهه، ومن المدعوين بنفسه.

إن على كثير من العلماء والدعاة؛ أن ينزلوا من بروجهم العاجية، ليجلسوا مع الناشئة، وأن يفتحوا أبوابهم، ليتحاوروا مع المتعلمين، وأن يوسعوا صدورهم، لمعرفة ما يدور في خلد المدعوين.


(١) ماذكر هاهنا خلاصة كلام الأئمة، راجع - إن شئت- التواضع لابن أبي الدنيا (٨٨ - ١١٦)، تاريخ دمشق (٢٥/ ٢٣٧)، فتح الباري (١١/ ٣٤١)، فيض القدير (٤/ ٢٧٨).

<<  <   >  >>