للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن اعتزال العالم، وإغلاق بابه، والتكلم بلغة لا تُسمع، وبتعابير لا تفهم، له أثره الخطير على الناشئة، بل هو سبب من أسباب انحرافهم.

فإن الناشئة إذا لم يُفرغوا ما في نفوسهم، ولم تُزل شبههم من صدورهم، ولم يجدوا من يأخذ بأيديهم، انعكس ذلك على تصوراتهم .. ثم على أفعالهم.

ولعل من أسباب انحراف الناشئة وتطرفهم هو تلك الفجوة التي حصلت بين العلماء والناشئة بخاصة، وبينهم وبين الناس بعامة، لذا بات من الضروري المسارعة في سدها، ومعالجة ما نشأ عنها، ومن الدعاة من يرى أن علمه ومنزلته لا يسمحان له بزيارة الفقراء، ومجالسة الضعفاء .. وخفي على هذا الصنف أن هذا هو الكبر بعينه، وهو لا يشعر.

كيف وقد عَلِمْنا ما كان من سيد الناس شرفاً ومنزلة ونسباً من تواضع جم، ومخالطته لمن لا يتوقع مخالطة ...

فكان - صلى الله عليه وسلم - مائدته بعد فتح مكة الخبز والخل (١)، .. وقبل دعوة امرأة يهودية (٢).

وعاد غلاماً يهودياً (٣) .. وكان يجلس على الحصير حتى تؤثر في جنبه (٤)، وكان يجلس مع أصحاب الصفة، وكل هذا معروف لدى المسلمين جميعاً مما يغني عن سرد مراجعه.


(١) رواه الطبراني في الأوسط (٦٩٣٤)، والحاكم (٤/ ٥٤).
(٢) رواه البخاري (٦٨٧٥)، ومسلم (٢١٩٠).
(٣) انظر فصل: الداعية وصفاته، الصفة الخامسة: التواضع والمخالطة.
(٤) انظر المبحث الرابع: مراعاة أحوال المدعوين الإيمانية، المطلب الخامس: مراعاة السنة لأحوال الناس الإيمانية.

<<  <   >  >>