للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: التوازن بين العقل والعاطفة عند الرسل]

وكذلك نهج الرسل هذا المنهج العظيم، منهج الموازنة في الخطاب بين العقل والعاطفة.

فانظر إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهو يجمع بين مخاطبة القلب والعقل إذ يقول: {يَأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يَبْصِرُ .. } الآية [مريم: ٤٢].

ففي قوله: يا أبت .. مخاطبة للقلب، وإثارة للعاطفة.

وفي قوله: {لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يَبْصِرُ .. } خطاب للعقل، وحض على التفكير.

وفي مثل هذا المقام نجد هارون يقول لأخيه موسى عليهما الصلاة والسلام: {يَبْنَؤُمّ ... }.الآية [طه: ٩٤]

ولا يخفى مافي هذا الخطاب الرقيق، من تحريك لوجدان موسى عليهما الصلاة والسلام.

ويقول يوسف عليه الصلاة والسلام لمن معه في السجن {يَا صَاحِبَىِ السِّجْنِءَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ القَهَار * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلآ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَآ أَنْتُمْ وَءَابآؤُكُمْ مَّآ أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف: ٣٩ - ٤٠]

وقد تضمن هذا الأسلوب عاطفة .. وعقلانية .. وتقريراً ..

ففي قوله - صلى الله عليه وسلم -: يا صاحبي السجن: عاطفة؛ إذ لم يجد شيئا آخر يحرك به عاطفتهم تجاهه إلا صحبة السجن.

<<  <   >  >>