للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا؛ تحريك للوجدان، لخشية الرحمن، والالتجاء إليه، والإيمان بربوبيته، وأنه بيده كل شيء، وهو قادر على كل شيء .. والإيمان بألوهيته .. حتى يُعبدَ وحده .. ولا يُلجأ إلى أحد سواه ..

وتأمل قوله تعالى: {أَمّن يُجِيبُ الْمُضْطَرّ إِذَا دَعَاهُ ويَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ الأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ الله .. } الآية [النمل: ٦٢]

كيف جمع بين خطاب العقل، ومناجاة القلب.

ففي قوله تعالى: {أمن يجيب المضطر}، وقوله: {أإله مع الله}، محاكاة عقلية .. وقضية فكرية .. فإذا لم يكن يستطيع ذلك إلا الله، فلِمَ اللجوء إلى غيره .. ؟ ! ؟

فهل لكم عقول تفكر؟ أو قلوب تعقل .. ؟ ! أيكون مع هذا الإله العظيم، الذي هو على كل شيء قدير، آلهة ضعفاء، يردّون ما أخذ الله منكم، أو يجيبونكم إن لم يجبكم الله؟ ! ؟

ومن خلال هذا الطرح العقلاني، يسوق الله ذلك بأسلوب عاطفي، يناجي به القلوب، ويحرك به الوجدان.

فَذِكْر الله في خطابه (المضطر)، و (كشف السوء)، و (الدعاء) فيه مخاطبة للأفئدة، ومناجاة للعاطفة، لأن الاضطرار، وكشف الضرر، تتأثر بها القلوب، ويستفيض لها الوجدان ..

{أَفَلا يَتَدَبّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىَ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ} [محمد: ٢٤]

اللهم اجعلنا من المتدبرين.

ولو أردنا تتبع هذا في القرآن الكريم، لطال بنا المقام طولاً بعيداً عن المقصود.

<<  <   >  >>