للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من حكمة الداعي أن يقدر كلمته كماً ووقتاً بما يتناسب وحال المدعوين .. وذلك حتى لا يوقع المجتمعين في حرج من وقتهم. أو من مناسبتهم، فإنهم - في الأصل -لم يجتمعوا لهذه الكلمة، وإنما جاءت عرضاً، فلا ينبغي له أن يطيل عليهم، فيصيبهم الملل، وتغشاهم السآمة .. فينتظرون انتهاء الكلمة بفارغ الصبر، -وحينئذ- لا يستفيدون شيئاً.

والناظر في مواعظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يجد أنها غاية في القصد، وغاية في البلاغة والتأثير. وهذا معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أوتيت جوامع الكلم)) (١) ولو قدرنا خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - في عرفة، لما زادت عن دقائق معدودة، وكذلك في المناسبات الأخرى لا تزيد عن هذا.

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال ناصحاً أحد تلاميذه: (( ... ولا ألفينك تأتي القوم وهم في حديث من حديثهم، فتقص عليهم فتقطع عليهم حديثهم فَتُمِلُّهُم، ولكن أنصت، فإذا أمروك فحدثهم وهم يشتهونه .. )) (٢).

المسألة الثالثة: خلاصة هذا المبحث: أن يستغل الداعية ما يمر بالمسلمين وبواقعهم من مناسبات وأحداث، وأن يتكلم فيها بما يناسبها من غير إملال، ولا إثقال. والله الهادي إلى سواء الصراط.


(١) رواه البخاري (٢٩٧٧، ٦٩٩٨، ٧٠١٣، ٧٢٧٣)، ومسلم (٥٢٣) واللفظ له
(٢) رواه البخاري (٦٣٣٧)

<<  <   >  >>