كما أنه لا توقيف في الشرع لمادة يستعان بها على أمر مشروع، والمانعون أول من يخالف هذا في مسلكهم الدعوي.
والوسط الحق: أن الأصل في الوسائل بنوعيها .. - المادية والعملية - الإباحة، إلا ما ورد الدليل بمنعه، وهي اجتهادية، يخضع استعمالها لقواعد المصالح والمفاسد.
فيبنى المسجد من طين، ومن حجر، ومن حديد، وإسمنت، بما يتناسب وأحوال الزمان، والمكان، والناس.
وأما الزخرفة - على سبيل المثال - فهي - لاشك - وسيلة، ولكنها لا تجوز، لورود النهي عن ذلك (١).
[المطلب الثالث: الأدلة على أن الأصل في الوسائل الإباحة]
والأدلة على ذلك صريحة في الكتاب والسنة، من ذلك:
الأول: قوله تعالى في باب وسائل الجهاد: {وَأَعِدّوا لَهُمْ مّا اسْتَطَعْتُمْ مّن قُوّةٍ وَمِن رّبَاطِ الْخَيْلِ}[الأنفال: ٦٠].
فعدة الحرب المتنوعة تعدّ من الوسائل .. وإطلاق الأمر، وعدم تقييده بوصف، يدل على الإباحة المطلقة، ما لم يرد دليل يستثني، أو يحرم، ولو لم تكن الوسائل اجتهادية، لما جاز صنع سلاح إلا بدليل شرعي خاص به.
(١) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما أمرت بتشييد المساجد))، والتشييد هاهنا بمعنى الزخرفة، والتكلف، والإسراف، ولذلك قال ابن عباس شارحاً الحديث: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى. انظر سنن أبي داود (٤٤٨)