للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي هذه الأدلة دلالة واضحة على أن التدرج كان في تعليم الناس التوحيد نفسه، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلمهم التوحيد كاملاً، ولا الصلاة دفعة واحدة على هيئتها الأخيرة.

والمقصود من هذا: أن التدرج يكون من كلية إلى كلية، كما يكون في الكلية نفسها من حال إلى حال.

[المطلب الرابع: التدرج في النهي عن المحرمات]

كما كان التدرج في المأمورات من توحيد وعبادات، كان كذلك في تحريم المحرمات، فلم تُحرَّم المحرمات في بدء الدعوة، ولا حُرِّمت -بعد ذلك - دفعة واحدة، بل كانت تُحرَّم واحدة تلو الأخرى.

وقد كان بعض الصحابة رضوان الله عليهم يتعاطون بمكة محرمات؛ من خمر وميسر وغير ذلك، مما عده الإسلام بعد ذلك من الموبقات، دون أن ينهاهم الإسلام - وقتئذ - عن شيء منها، وهذا أمر مشهور لا يحتاج إلى شواهد، فتعاطي الصحابة الخمر حتى في المدينة مشهور ومعروف (١).

فقد بدأ الإسلام بتحريم الشرك، ثم الكبائر، ثم الصغائر.

قال تعالى: { ... قُلْ إِنّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلآ أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مآبِ}. [الرعد: ٣٦]

وقال تعالى: { ... وَادْعُ إِلَىَ رَبّكَ وَلا تَكُونَنّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [القصص: ٨٧].


(١) راجع البخاري (٢٠٨٩، ٤٠٠٣)، ومسلم (١٩٧٩).

<<  <   >  >>