للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: القاعدة الثالثة: الشفقة والنصح، لا التوبيخ والفضح.]

المدعوون مرضى، والداعية طبيبهم. والطبيب الناصح يكون شفيقاً بالمرضى .. همه معالجتهم، والأخذ بأيديهم إلى طريق الصحة، وإنقاذهم مما هم فيه، ولا يجوز له إلقاء اللوم، ولا فضيحة المريض، ولا التشفي منه، فإن هذا يزيدهم مرضاً على مرض، وضياعاً على ضياع، وهماً على هم، لأجل هذا، وجب أن يكون أسلوب الداعية أسلوب الشفيق بمدعويه، الرحيم بهم.

قال تعالى عن رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رّحِيمٌ} [التوبة: ١٢٨]

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((الدين النصيحة)) (١).

فجعل محور الدين النصيحة، لا الفضيحة، فإن للنصيحة أسلوبها، وللفضيحة طريقها، وشتان بين الطريقين أسلوباً وأثراً.

ومن الخطأ الواضح؛ مايفعله بعض الدعاة من تتبع عثرات المسلمين، وكشف عوراتهم بدعوى ظاهرها زين، وباطنها شين.

وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قبله لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته)) (٢)


(١) رواه مسلم (٥٥).
(٢) رواه أحمد (٤/ ٤٢٠ - ٤٢١)، وأبو داود (٤٨٨٠)، وأبو يعلى في مسنده (٧٤٢٣)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٢٤٧)، وفي الشعب (٦٧٠٤)، وأورد الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (٤٠٨٣).

<<  <   >  >>