للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبتعبير تأصيلي بديع، وذكرٍ للسر في ذلك، يقول عليه الصلاة والسلام: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه)) (١).

زانه أي: إذا كان الرفق في شيء جعله جميلاً، ومحبوباً، ويكون ذلك؛ بالمعاملة الحسنة، والكلمة الطيبة، والصفح الجميل، وهذا هو الذي يُصلح الأسلوب، ويجعله مقبولاً لدى المدعوين.

شانه: جعله مقبوحاً، ومكروهاً، ويكون بالألفاظ القاسية، والأسلوب الجاف، والتجهم بالوجه، والتأفف من المدعو وأفعاله، مما يؤدي إلى إفساده، وإفساد الدعوة، ونفور المدعوين.

وإذا عوتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ عبس في وجه أحد المدعوين - الأعمى عبدالله بن أم مكتوم - وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك مجتهداً مُقدِّماً مصلحة دعوة صناديد قريش على دعوة عبدالله بن أم مكتوم الأعمى (٢) .. فإذا عوتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فما حال بعض الدعاة الذين يتجهمون في وجوه الناس .. ويرغون ويزبدون .. وكأن بينهم وبين المدعوين حرباً ضروساً، وعداءاً مستحكماً.

فحريّ بالداعية؛ أن يراجع أسلوبه، فهو نصف النجاح، إن لم يكن معظمه.


(١) مسلم (٢٥٩٤)
(٢) رواه الترمذي (٣٣٣١)، والحاكم (٢/ ٥١٤)، وصححه ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (٢٦٥١).

<<  <   >  >>