ما قيل في باب مراعاة أحوال المدعوين العلمية، يقال كذلك في باب مراعاة أحوال المدعوين الإيمانية، والبابان فيهما نوع من الاشتراك والتداخل، ويتضمن هذا المبحث خمسة مطالب:
[المطلب الأول: المقصود بأحوالهم الإيمانية]
أي؛ ما يكون عليه المدعوون من الإيمان والكفر، وما عليه المؤمنون أنفسهم من تفاوت فيما بينهم في قوة الإيمان، والإقبال على الرحمن .. ، الأمر الذي يترتب على الداعية ترتيب خطابه، واختيار مضمونه بما يتناسب مع حال المدعوين الإيمانية .. ليتحقق لهم قبول الدعوة، وسرعة الاستجابة، فإن لكل قوم حالاً إيمانية، ولكل حال خطابها الدعوي.
فمن الناس: من ليس فيه ذرة من إيمان بالله، ولا في ألوهيته .. ومنهم الذين ملئت قلوبهم إيماناً .. وبينهما درجات ودركات لا يعلمها إلا الله.
فمن العبث: أن يُخاطبَ الجميع بأسلوب واحد، ومستوى علمي واحد .. وأحكامٍ وحجج واحدة .. دون مراعاةٍ لأحوالهم الإيمانية.
ولما كان لكل فئة خطاب يناسبها، وأسلوب وحجج تتوافق ومستوى إيمانها، كان لابد للداعية من معرفة حالهم الإيمانية قبل مخاطبتهم.