للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس حاجتنا إلى الورع]

هذا المَعْلم ليس بأقلَّ أهمية من المعالم الأخرى، فهو يصقل النفوس، ويُهذِّب التصرف، ويضبط اللسان، ويجعل المرء روياً متأنياً.

وإن إهمال تربية الناشئة عليه، دفعها إلى سفك الدم الحرام، في الشهر الحرام، في البيت الحرام، وهي تظن أنها تحسن صنعا.

وقد رُؤي بعض من فقد الورع، وقد قاطعوا آباءهم، وآذوا علماءهم، وانتهكوا أعراض إخوانهم، بل قتلوا إخوانهم، وهتكوا حرمة مساجدهم، بدعوى الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر، أو أنهم مبتدعون، أو مخالفون في المنهج .. إلى غير ذلك من الدعاوى التي جرَّت فساداً، وأحدثت فتناً.

لقد انقلبوا بسبب غياب هذا المعلم -الورع- إلى وحوش كاسرة، تنهش الأعراض، وتسلب الأموال، وتسفك الدماء ..

وفي الوقت الذي أمرنا الله بدعوة الناس، ذهب بعض الدعاة إلى محاسبتهم، وإعلان الحكم وتنفيذه عليهم، حتى قام بعضهم مقام الله سبحانه في الحكم، يدخل من يشاء الجنة، ويدخل من يشاء النار.

وإذ أمر الله دعوة الناس بالستر والنصح، إذا بهم يسلكون مسلك الكشف والفضح، ونشر عيوب العباد على رؤوس الأشهاد.

ولقد رؤي من الناشئة وغيرهم، من يتصدى للفتوى في مسائل لو عرضت على الأئمة الكبار بل الصحابة، لترددوا فيها .. وقد أفتوا في

<<  <   >  >>