للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسائل أحجم عنها الفحول، وحارت فيها العقول، وهي عندهم بديهة .. بل من لم يُفت بها استخفوا به، وبعلمه.

وإن تعجب فاعجب مما فعله الخوارج، إذ تورعوا عن أكل تمرة ساقطة على الأرض، ولم يتورعوا عن قتل عبد الله بن خباب الصحابي المشهور، ولا عن قتل زوجته الحامل، (١) بل تقربوا إلى الله عز وجل بقتل أفضل الخلق في زمانه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وقال أبو أيوب لخارجي عندما أراد طعنه، أبشر يا عدو الله بالنار فقال الخارجي: "ستعلم أينا أولى بها صليا" (٢).

فانظر إلى هذه الجرأة على الصحابة، وقذف الأحكام .. كل ذلك بسبب فقدان الورع.

وما أجمل هذه القاعدة في هذا المقام:

إذا حكمت حوكمت .. وإذا تورعت عوفيت.

أي إذا حكمت على الناس، فستُسأل عن حكمك، وستحاكم بين يدي ربك، وأما إذا تورعت عن الحكم على الناس، والخوض في أعراضهم، عافاك الله من تحمل تبعة حسابهم، والحكم عليهم، وشتان بين من يُحاكم، وبين من يُعافى.


(١) انظر الإصابة، لابن حجر (٤/ ٦٤)، ترجمة عبدالله بن خباب بن الأرت.
(٢) تاريخ الطبري (٣/ ١٢٢)، والبداية والنهاية لابن كثير (٧/ ٢٨٩).

<<  <   >  >>