للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما الأول: فلا يُقبِل على أهله إلا كُرْها، من غير رغبة ولا استمتاع، ولا يشعر بطمأنينة معها، وينتظر بفارغ الصبر مفارقتها، وإذا فارقها شعر براحة، وفارقها بغير حسرة، ولا تمنٍ في الرجوع إليها.

وأما الذي تزوج من يحب، فإنه يُقبِل على زوجته برغبة ولهفة، وشوق واستمتاع، ولا يحب فراقها، وإذا فارقها فارقها على كره وحسرة، وفي نفسه شوق للعود إليها.

وهكذا من أقبل على الطاعة، بإيمان مسبق، أقبل عليها بحب وشوق، وفارقها على كره .. ومن أقبل على الطاعة، بغير إيمان أو بضعف فيه، أقبل عليها على كره، وأداها بمشقة، وفارقها على فرح.

ويظهر هذا جليا في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن تبعهم من الصالحين في خشوعهم في عباداتهم، وشوقهم لها، وقصصُ الصالحين في ذلك كثيرة، فمنهم من دخل في صلاة وأجري له عمليةٌ جراحية (١)، ومنهم: الذي هدم المسجد وهو يصلي ولم يشعر (٢) ومنهم .. ومنهم .. وكل ذلك بموجِب الإيمان القوي الذي سبق العبادة، فدفعهم إلى هذا ...

وكذلك يظهر جليا التقصير في المنافقين ومن تبعهم في أعمالهم ... وذلك لانعدام الإيمان أو لضعفه كما سبق بيانه.

المطلب الرابع: أدلة ((الإيمان قبل الأعمال والأحكام)) ودعوة الرسل:


(١) راجع سير أعلام النبلاء (٤/ ٤٢٩).
(٢) راجع مجموع الفتاوى (٢٢/ ٦٠٥).

<<  <   >  >>