بلا إيمان، وإلا كان العامل منافقاً، وإن كان مؤمناً بلا أعمال كان مرجئاً. (١)
والقاعدة؛ ليست مطردة في كل حال، ومع كل مدعو، فقد يكون من الحكمة مواكبةَ الإيمان بالأحكام، ويلزم أحياناً تقديم بيان بعض الأحكام إذا تعيّن ذلك، أو لزم تحذير المدعو مباشرة من المحرم الذي يتعاطاه.
لكن القاعدة تقرر: أن الأصل في الدعوة البدء بدعوة الناس إلى الإيمان، والقناعة والتسليم، ثم بعد ذلك يُدعون إلى الأحكام.
[المطلب السابع: تطبيق هذه القاعدة على أهل العصر]
نظراً لبعد العهد الذي بين زماننا وعهد النبوة. وما مر على الأمة من رزايا، وما دُسّ فيها من بلايا، وما حدث من التأثر بالآخرين، وما فُتح على الناس من الدنيا .. نظراً لهذا ولغيره .. فقد ضَعُفَ الإيمان في قلوب كثير من المسلمين، الأمر الذي دفعهم إلى استثقال العبادات، وصعوبة هجر المنكرات، وتخلى كثير من المسلمين عن التمسك بدينهم، بل عن أداء بعض الأركان، وتفشى في الأمة سراً وجهاراً العصيان، ورغم هذا
(١) المرجئ من المرجئة: وهم طوائف؛ منهم من يقول: إن الأعمال لا تدخل في مسمى الإيمان ولا تزيده ولا تنقصه، وأن إيمان جبريل ومحمد عليهما الصلاة والسلام كإيمان أفسق الفاسقين من المسلمين، ومنهم من يقول: الإيمان هو النطق باللسان فقط، ولا علاقة للقلب بذلك، ومنهم من يقول: الإيمان هو معرفة الله فقط، ولو لم يسلم العبد، ولو لم يؤمن بالنبي، والفرقتان الأخيرتان ضالتان بل الأخيرة كافرة [مجموع الفتاوى لابن تيمية ٧/ ١٩٤ - ٢٠٦]، [الفرق بين الفرق للبغدادي (١/ ١٩)، ومابعدها، مقالات الإسلاميين للأشعري (١/ ١٣٢)، ومابعدها، الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٣٩)، وما بعدها].