للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إن تارك المستحب لا يعاقب، فكيف إذا ترك المستحب لوجه الله عز وجل، فلعله مأجور بهذا الفعل وإن تركه، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من ترك أمراً لله عوضه الله خيراً منه)) (١).

كما يشرع للداعية تأخير الواجب المطلق (٢)

لتحصيل ما هو أوجب، أو تحقيق مصلحة، أو دفع مفسدة، وقد فعل هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من مرة، لمصلحة الدعوة تارة، ولمصلحة المسلمين تارة أخرى، من ذلك مشروعية الجمع بين الصلاتين رفعاً للحرج.

وأما في باب الدعوة فكامتناعه - صلى الله عليه وسلم - عن قتل عبدالله بن أبي بن سلول، وقد استحق ذلك، وصرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن العلة في ذلك، خشية أن تشوه سمعة المسلمين ((دعه، لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه)) (٣)

وكتأخير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل ثمامة رضي الله عنه قبل أن يسلم، وقد استحق القتل، رجاء دعوته، وتحسين سمعة المسلمين خارج منطقتهم (٤).


(١) حديث حسن لغيره، رواه أبو نعيم في الحلية (٢/ ١٩٦)، والسلفي في الطيوريات (٩٦٠)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (١٠/ ٣٧٤)، واللفظ لهم، ونحوه عند أحمد (٥/ ٣٦٣).
(٢) الواجب المطلق: هو ما أوجبه الله دون تحديد زمن، أو عدد، والمقصود هنا الواجب الذي لم يحدد زمنه، كفرض الحج، وقد أذن للمرأة تأخير هذا الواجب إلى حين توفر المحرم.

[راجع فتاوى ابن تيمية (١٩/ ٣٠٠)، (١٠ - ٥٣)]
(٣) سبق تخريجه راجع صفحة (٣٧)، وخلاصته: أن عبد الله هذا كان رأساً للمنافقين، وكان يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو القائل: {لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل .. } الآية في سورة المنافقون: ٨، فأنزل الله تلك الآيات في سورة المنافقين لهذه المناسبة.
(٤) وخلاصة قصة ثمامة: ستأتي في مطلب الجدل في السنة ص (٤٠٧).

<<  <   >  >>