للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللهِ وَالّذِينَ آوَوا وّنَصَرُوَا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَالّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا} [الأنفال: ٧٢]

فكل هذه الأحكام تقديراً لظروفهم الخاصة.

ففي صحيح البخاري أن أبا ذر لما أسلم أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرجع إلى قومه فقال له: ((ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري)). (١)

أي: أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمكث في أهله، ولا يهاجر الآن، حتى ينتصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويتمكّن في الأرض.

وذلك تقديراً لظرفه الخاص، إذ لم يكن أبو ذر من أهل مكة، ولم يكن له ناصر منهم، فيؤذونه أذى كبيرًا، فطلب منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك.

كما لا يجوز للداعية، إغفال منازل الناس، ومقاماتهم الخاصة، وعليه مراعاتها، وفي الأثر عن عائشة رضي الله عنها: ((أنزلوا الناس منازلهم)) (٢).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود)) (٣).


(١) رواه البخاري (٣٨٦١). ومسلم (٢٤٧٤).
(٢) ذكره مسلم في المقدمة (١/ ١٧٠) فقال: وقد ذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننزل الناس منازلهم، وأخرجه أبو داود (٤٨٤٢) وهو ضعيف، فيه انقطاع بين ميمون وعائشة وفيه علل أخرى، وأخرجه ابن عساكر (٤٢/ ٥٢٢) عن علي، وفيه الأصبغ بن نباته متهم بالكذب، فلعله من قول عائشة رفعه من رفعه خطأً لضعفه في الحفظ.
(٣) صحيح لغيره، أخرجه أبو داود (٤٣٧٥) وأحمد (٦/ ١٨١) والبيهقي في السنن (٨/ ٣٣٤) من طرق يرتقي بها إلى درجة الصحة لغيره.

<<  <   >  >>