للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فوالله ما بين لابتيها، -يريد الحرتين- أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت أنيابه .. ثم قال: ((أطعمه أهلك)). (١)

فما أحوجنا إلى هذا الفقه العظيم .. وإلى تقدير ظروف المدعوين، إذ انقلب الذنب عليه -لصدقه ولحاله- نعمةً .. فهل من مدّكر.

ولما أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجة أحد الصحابة -ممن كان يخدمه- في الزواج قال له: ((يا ربيعة ألا تتزّوج؟ )) (٢).

وأشهر من هذا كله: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر الأئمة أن يخففوا من الصلاة، معللاً ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أيها الناس إنكم منفرون، فمن صلّى بالناس فليخفف، فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة)). (٣)

ولا شك أن غنى الفقير، وزواجَ الأعزب، وشِبَعَ الجائع، مطلبٌ عظيم، وحاجة ملحةٌ، لا ينبغي للداعية أن يغفل أو يتغافل عنها.


(١) رواه البخاري (١٩٣٦)، ومسلم (١١١١)، واللاّبة أو الحرّة: هي الأرض ذات الحجارة السود .. والمدينة بين لابتين عظيمتين، النهاية (٤/ ٣٧٤)، مادة: (لوب)، قلت: فأراد بهذا الساكنين بين هذين المكانين وهم جميع أهل المدينة.
(٢) رواه أحمد (٤/ ٥٨ - ٥٩)، والطيالسي في مسنده (١١٧٣)، والطبراني في الكبير (٥/ ٥٩)، والحاكم (٢/ ١٧٢ - ١٧٤)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي بقوله: لم يحتج مسلم بمبارك، ورواه الحاكم أيضاً (٣/ ٥٢١) مختصراً، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٤/ ٢٥٦ - ٢٥٧)، وقال: رواه أحمد، والطبراني وفيه مبارك بن فضالة وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(٣) البخاري (٩٠)، ومسلم (٤٦٦).

<<  <   >  >>