للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قال يوسف لإخوته الذين فعلوا به ما فعلوا: {لا تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ .. } الآية [يوسف: ٩٢] والتثريب: اللوم، فما اكتفى عليه الصلاة والسلام، بأن قال: لا ألومكم .. بل قال كذلك، وأدعو الله أن يغفر لكم.

ومن جميل ما ذكر لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسألة ترك التلاوم: تحاجج آدم وموسى عليهما الصلاة والسلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((احتج آدم وموسى، فقال له موسى: أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة، فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه، ثم تلومني على أمر قد قدِّر عليَّ قبل أن أُخلق)).

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فحجّ آدم موسى مرتين)) (١).

إن العمل بهذه القاعدة، يفتح المجال رحباً أمام المدعوين للاستجابة .. وإن إثارة الماضي، تدفع نحو اليأس والفتور، وتثير فيهم شعور الإحباط والقنوط، وتدفعهم نحو الصدود والإعراض، بل على الإنسان أن يفتح باب التوبة، والرجاء، والخوف من الرجوع إلى الماضي، ويغلق باب اليأس والقنوط.


(١) رواه البخاري (٣٤٠٩)، ومسلم (٢٦٥٢).
قال أهل العلم: المقصود من هذه المحاجّة أن موسى لام آدم عليهما السلام بعد وقوع القدر، وبعد توبة آدم، ولا لوم بعد التوبة، وأما احتجاج آدم بالقدر فكان بعد الوقوع لا قبله فتنبّه، ولذلك أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نقول بعد وقوع القدر: (قدر الله وما شاء فعل)، أخرجه مسلم (٢٦٦٤)، وابن ماجه (٤١٦٨).

<<  <   >  >>