لذلك كان تنوع خطاب الداعية من إلقاء إلى حوار إلى مناظرة أقوى سلاحاً له وأنفع للمدعووين.
ذهب بعض أهل العلم واللغة إلى: أن المجادلة والمحاورة والمناظرة والمناقشة .. كلها ألفاظ مترادفة، ذات معنى واحد، أو متقارب (١).
قلت: المتتبع لألفاظ الجدل والمحاورة والمناظرة والمراء .. وما شابهها في القرآن والسنة، يجد أن ثمة اشتراكاً كبيراً بين هذه الألفاظ في معانيها، وبينهما فروق تدل على أن لكل نقطة معنى مخصوصاً، فمن ذلك:
أن الله أمر بالجدال، ولم يحدد صوره، وإنما حدد أسلوبه: أن يكون بالتي هي أحسن {وَجَادِلْهُم بِالّتِى هِىَ أَحْسَنُ .. } الآية [النحل: ١٢٥].
وامتثالاً لهذا الأمر؛ نجد أن رسول الله والأنبياء - صلى الله عليهم وسلم - من قبل، ناظروا وحاوروا، وأن الله وصف ما جرى بين النبي وخولة بنت ثعلبة - التي كانت تشتكي زوجها -، بالجدال وبالحوار في وقت واحد.
وسمى الله الكفار المعاندين: بالمجادلين بالباطل، فقال:
(١) كتاب الجدل لابن عقيل: المقدمة للدكتور علي بن عبد العزيز العميرين (ص: ١٦) ومناهج الجدل للدكتور زاهر عواض الألمعي (ص: ٢٩) والكافية في الجدل لأبي المعالي الجوني (ص: ١٩) واللسان مادة (ج د ل)