للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الحديث القدسي الجميل يقول الله تعالى:

((يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا ... )) (١)

وإذا انتفى الظلم حل العدل، وهو مطلب من أعظم مطالب الدعوة إلى الله وأسماها.

لأن حلولَ الظلم، مفسدةٌ للبلاد، ومهلكةٌ للعباد، وقهرٌ للنفوس، وتفتيتٌ للأكباد، واختلالٌ في الأمن.

إن الظلم ليتعدى حدود المظلمة، ليصل إلى روح المظلوم، فيذيقها الويلات، ويسكن الظلم كبد المظلوم فيفتتها.

فتحل بالمظلومين روح الانتقام، وتقوى فيهم طباع التشفي.

لذلك لا يهدأ للمظلوم بال، ولا يقر له قرار حتى يأخذ حقه، ولا يستقر له حال، حتى يعيد كرامته، أو ينتقم لنفسه، فتنتشر الثارات فيفقد الناس - حينئذ - أمنهم، وتختل موازين مجتمعاتهم ..

ولم يكتف الله سبحانه بالأمر بالعدل بل أمر بالإحسان، الذي هو أعلى من العدل مرتبة، وأسمى منه منزلة، فإن العدل؛ أن تعطي المرء حقه، والإحسان؛ أن تزيده على حقه إحساناً منك وتفضلاً.

قال تعالى: {إِنّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ ... } الآية. [النحل: ٩٠]

كما أحسن أبو بكر الصديق إلى ابن خالته مسطح، فأرجع إليه النفقة - بعدما أمسكها عنه عندما أشاع الفاحشة في ابنته أم المؤمنين


(١) رواه مسلم (٢٥٧٧)

<<  <   >  >>